أجلس حائرا متأملا وقلم لا يمنحه التأمل سوى خطوات متعرجة مائلة..
تعبر عن الحيرة والضياع..
قد أستطيع أن اكتب الكثير الكثير..
إلا صمتك الرائع المزدحم بالأحلام والأمنيات
فقد اقتله إن حاولت تفسيره على الأوراق..
هل يمكن إن أصدق أن عذابي الآن هو نفس عذابك بالأمس..؟
هل يمكن لي – مرة واحدة – أن اصبر على هذا الوجع الرهيب..
الذي هو نصف أوجاعك البارحة..؟
أنني اصرخ وأبكي دون صراخ ودون دموع..
تماما كما هو حالك في سنوات الحب الغابرة..
كيف يا سيدتي أصدق أن كل ليلة تمر بي وكل نهار يمر على جسدي وعقلي..
أنما كان يحرقك كما يحرقني اليوم..
الحب هبة من السماء سيدتي..
تأتي مع زخات المطر وتنمو كما العشب البري في الصحراء
ورغم أنه قد يعيش مع بعض البشر..
وربما نسمع بهِ مرة كل سنة في بلد قريب
أو في قرية على طرف المحيط أو جزيرة مهجورة لا أسم لها
لكنه يبقى الهبة الصعبة التي لا يفوز بها كل من أراد الفوز
ولا يصل اليها المغامرون من البشر
إذ إنها معنا وفينا وفي قلب كل واحد منا.. لكننا لا ندري بها
قد يموت الملايين دون اكتشافها..أنها أغلى ما يكمن في أجسادنا
لكننا نعيش على أرخص ما يتحرك فينا.
وعندما كنت طفلا..أعني هذه المرة ..عندما كنت غبيا..
كنت أرى في عينيك مالا يمكن رؤيته في عيني امرأة أخرى
ولم أعرف ماذا في تلك العينين الا هذا اليوم
– وأنا اكتب يا سيدتي- أتباهى بالهبة التي برزت في عيوني
والتي صار يراها كل عدو وكل صديق
الآن فقط – يا كل أوجاعك القديمة معذرةً – بدأت أعرف ..
أي عذاب وأي وجع وأي صراخ وأية دموع وأية معجزة كنت تعيشين
كم كنتِ صبورة معي..وكم أنتِ غريبة يا حبيبتي.
كيف لا أصدق عذابك بالأمس يا كل أوجاعي..
وأنا أشم رائحتك في كل مسامة في جسدي يا أطيب زهرة في الدنيا
كيف لا أصدق معجزتي ..
وأنا أمشي تحت المطر النازل مثل السحر ومثل كركرات الأطفال
أتبلل بالحب والذكريات والدموع التي امتزجت مع حبات المطر..
وضاع فوق ملامحي أيهما الدمع وأيهما المطر..؟
كيف يكون الإنسان محبوبا إلى هذا الحد..؟
أني يا سيدتي أحارب قلبي أني أنساك ليلة واحدة فقط..