بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحياة لا تخلو من الأكدار, والمودات دائرة بين البذل والإقتار, وتعتريها من حين لآخر هزات وخلافات شخصية لا مخرج منها إلا بصفاء الإيمان وتزكية القلب,
وتطهيره بتجريد الحب الخالص في الله ,.
فما أجمل خلق المؤمن الصادق حين ينقاد لله .. فيعطي لله .. ويمنع لله ..
يحب في الله ويبغض في الله, ويعلم أن الله يرى منه ذلك قبل الناس ..
إنه سيظل الحبيب برغم تباين وجهات النظر.. وسيأمن جانبه وإن خالفه في الرأي. والمؤمن من عادته أن يتكلف لإخوانه المعاذير إذا اخطئوا في حقه, ويتطلب لهم الكمالات,
أما المنافق فإنه يتطلب العثرات...
ولا تكاد تجد مؤمناً صادق الإيمان إلا ووجدت في قلبه رقة
وشفافية في تعامله مع إخوانه..
يتذكر إن نُصح.. ويندم إن أخطأ، ويعترف بعثرته، ويسامح إخوانه ويسد خلتهم،
ويحسن الظن بهم إن بدر منهم خطأ أو زلة.
ومن كان هذا حاله من إخوانك فإنه لن يهضم الجميل منك إذا فعلته أو الحسن إذا نطقته، لأن الذي لا يشكرك على جميل الفعال
هو ذاك الذي لم يحمدك على حسن النية.
وقلوب المؤمنين صافية تجاه سائر المؤمنين، فكيف بصالح المؤمنين من أهل الدعوة والعلم والفضل منهم؟ وهي قلوب لا تكاد تقوى عليها نزغات الشيطان ، ولا تلوثها أحقاد النفوس الدفينة.. فهي سريعة الفيء إلى الحق بطيئة الغضب بالباطل ....
أوابه إلى المعروف.. لا تحمل حقداً ولا تضمر غلاً لأحد من المؤمنين.
ومن ذا يخلو من التقصير أو يسلم من العيب ؟؟فاحرص على ترويض نفسك بالمسامحة والصفح عمن أخطأ عليك من إخوانك , واقبل الإحسان منهم مهما كان يسيرا , واغتفر زلاتهم إذا أخطئوا وإن كان ذلك عسيرا .
ألا تصفح عن أخيك وهو عدتك في البلاء وسندك في الرخاء ؟!
ألا تحتمل أخوة الدين بينكما إصلاح ذات البين ؟
واستحباب محبة الله ومغفرته بالعفو والصفح ؟!
هب انه أتى خالقه بقراب الأرض خطايا دون الشرك ,
ألا يغفر له إذا تاب ويعفو عنه إذا أناب ؟!
ألا تحب العفو والصفح فترضي ربك أنت بقبول أخيك في الله إذا جاء نادما معتذرا ؟!
أفلا تحب أن يغفر الله لك ؟!
إذن سامح أخاك , فالله تعالى يقول
(( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم )) . أزهدت في كرم الله تعالى ,
واستغنيت عن فيض عطائه ورحمه التي تنالك إذا اتقيت فيه من عصاه فيك ؟!
وقرب من أجله من أبعدك وأساء إليك ؟! ألم تسمع قول ربك سبحانه :
((فمن عفا وأصلح فأجره على الله)).
ألا تعلم أن الناس يعفون عن ذوي الجنايات استصلاحا لهم ومداراة لمن يحيط بهم ,
تصنعا وسمعة بين الناس , أفلا تعفو أنت عن أخيك لله
وهو سليم الديانة يحب الله ورسوله ؟
ولقد كان من حبه صلى الله عليه وسلم للعفو والصفح أن
كان يقبل عذر المنافقين مع علمه بكذبهم ويأذن لهم , مع قدرته على الفتك بهم .
كل ذلك لتأليف قلوبهم واستصلاح نفوسهم والتأثير عليهم .
حتى قال عن ابن أبي سلول بعدما ظهر أمره وكشف سره :
(بل نترفق به ونحسن صحبته ما دام فينا).
ولقد عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اليهودية التي أرادت قتله عندما أهدت إليه شاة مسمومة ومع ذلك لم يأمر بقتلها في حق نفسه دون صاحبه .
وروي أن رجلا أتاه فقال : كم نعفو عن الخادم ؟ فصمت . ثم أعاد عليه , فلما كان الثانية قال : (اعف عنه في كل يوم سبعين مرة)
ولقد كان أبو بكر رضى الله عنه يقول :
لو لم أجد إلا ثوبي لسارق أو زان أو شارب خمر لسترته .
فهلا ترفقت أنت بـأخيك وأحسنت صحبته وسترت عيبه
وعلمت له حق الصحبة والأخوة بل حق الإسلام؟!
ومن ذا يسلم ممن الخطأ؟!
سامح أخاك إذا خلط * منه الإصابة بالغـــلط
وتجاف عن تعنيفه *إن زاغ يوماً أو قســــط
واعلم بأنك إن طلبت * مهذباً رمت الشطـــط
من الذي ما ساء قط * ومن له الحسنى فقط
فإذا سامحت أخاك وغفرت له ما بدر منه تجاهك قطعت شوطاً حميداً في هذا الباب،
وبقي عليك شوط آخر مهم، وهو نسيان ذلك الخطأ وتجاهله.
وعلى طريق الخير نلتقي دوما
::::::::